تطوير القوة العضلية: اعتبارات فسيولوجية

Tuesday 18 August 2009

ينسب إلى الأساطير الإغريقية أن شاباً يدعى ميلو كان ينشد أن يصبح أقوى رجل على وجه الأرض، فبدأ منذ صغره برفع ثور صغير إلى مستوى الكتفين، ومرت الأيام والسنوات وهو يرفع ذلك الثور الذي يزداد وزناً وكبراً، وعندما اكتمل نمو الثور استطاع ميلو أن يحوز على لقب أقوى رجل وأن يفوز كذلك ببطولة المصارعة في القرن قبل الميلاد.

إن الأساس العلمي لبناء القوة العضلية عن طريق قاعدتي التدرج ،وزيادة العبء لم يتغير منذ أيام ميلو الإغريقي، إن الأثقال وآلات رفع الأثقال فقط هي التي استجدت وحلت محل الثور منذ ذلك الحين. إن قاعدة زيادة العبء)أو التحميل الزائد ( تنص على أن التكيف الناتج وبالتالي الزيادة في الإمكانية الوظيفية يكونان بحجم الحمل التدريبي

. إن الانقباض العضلي القريب من حد التوتر الأعلى، أي القريب من الشدة القصوى، لهو المؤدي لزيادة قوة العضلات وحجمها، لذلك فتدريبات القوة التي لا تؤدي إلى تحميل العضلة حملاً زائداً )زيادة العبء( لا تقود إلى تحسن في القوة العضلية ولا زيادة في حجم العضلات، فالكثير من الدراسات العلمية توضح أن معدل تكوين البروتين في العضلة له علاقة كبيرة بمعدل دخول الأحماض الأمينية إلى داخل الخلية والتي ترتبط ارتباطاً كبيراً بمقدار شدة التوتر العضلي ومدته.

ولأن الأثر الفسيولوجي للتدريب البدني الناجم عن التنبيه يحتاج إلى وقت كاف ليتضح تأثيره، فإن أهمية القاعدة الثانية وهي التدرج تبدو للوضوح، فقاعدة التدرج تملي على الممارس بأن يزيد من الحمل التدريبي بشكل متدرج، بما يكفل حدوث تكيف في العضلات ذاتها.

ولإعطاء مثال حي على ذلك، دعونا نتصور أن شخصاً ما يستطيع أن يرفع ثقلاً مقداره ١٠٠ كجم بصعوبة بالغة، ولنفترض أن هذا الشخص يريد أن يطور القوة العضلية لديه وينميها، فإذا استمر هذا الممارس في رفع الثقل بانتظام فإن العضلات العاملة سوف تتأثر بالتنبيه الحاصل عليها)في هذه الحالة من جراء وزن الثقل( وتبدأ تستجيب عن طريق حدوث تكيف فسيولوجي لتلك العضلات، لكن بعد مرور فترة من الزمن فإن هذا الحمل )الثقيل( يصبح ليس بالحمل الكافي لإحداث تكيف فسيولوجي أعلى، ويتحتم بعد ذلك أن يقوم الممارس بزيادة وزن الثقل حتى يرفع من حدة التنبيه اللازم لإحداث تكيف فسيولوجي على مستوى أعلى ومن ثم زيادة القوة العضلية.

وفي هذا الصدد، فإن تطور القوة العضلية لدى الفرد لا يحصل بدون وجود راحة كافية بين كل تدريب عضلي وآخر، حيث من المعروف أن إجراء تدريبات القوة العضلية العنيفة بشكل يومي بدون راحة سوف يؤدي إلى تدهور في القوة العضلية لدى المتدرب في اليوم التالي، لكن عند وجود راحة كافية تتراوح من٤٨-24ساعة بعد كل تدريب عضلي عنيف، فإن ذلك سيطور القوة العضلية باطراد. ويعتقد أن أخذ راحة بعد تدريبات القوة العضلية لمدة تزيد عن ثلاثة أيام يقود إلى انخفاض ملحوظ في القوة العضلية المكتسبة من قبل الفرد.

وعلى الرغم من العلاقة الوثيقة بين القوة العضلية وحجم العضلات، إلا أنه من الملاحظ أن أقوى الرياضيين والذين هم من رياضيي حمل الأثقال ليسوا أكبر الرياضيين حجماً في العضلات وأن أكبر الرياضيين حجماً في العضلات والذين هم رياضيي كمال الأجسام ليسوا بالضرورة أكثر الرياضيين قوة عضلية، وهذا يقودنا إلى أن السبب في ذلك يعود إلى أن كلاً من رياضيي حمل الأثقال وكمال الأجسام يتبع برنامجاً تدريبياً يختلف عن الآخر، فالرياضيون في حمل الأثقال عادة ما يتدربون بأوزان ثقيلة وتكرار قليل مع فترة راحة طويلة نسبياً بين كل تكرار وآخر، بينما الرياضيون في كمال الأجسام عادة ما يتدربون بأوزان أقل ثقلاً وتكراراً عالياً مع فترة راحة قصيرة بين كل تكرار وآخر.

أخيراً أود أن أشير إلى أن الاستعداد الوراثي يلعب دوراً كبيراً في مدى إمكانية زيادة حجم العضلات كما يحدث في رياضة كمال الأجسام، حيث تشير البحوث العلمية إلى أن الوراثة تسهم بدور كبير في تحديد حجم العضلات ونوع الألياف العضلية لدى الإنسان، وكلا العاملين يؤثران بشكل ملحوظ على القوة العضلية.

تدريبات القوة العضلية من أجل الصحة:

ظهرت في العقدين الماضيين دلائل علمية تؤكد أهمية تدريبات القوة العضلية والتحمل العضلي لصحة الجهاز العضلي والهيكلي للإنسان، خاصة مع تقدمه في العمر، لذا نجد أن الكلية الأمريكية للطب الرياضي والعديد من الجمعيات الصحية والعلمية الأخرى توصي بضرورة أن يتضمن برنامج اللياقة البدنية للشخص جزءاً موجهاً نحو تقوية العضلات الرئيسية في الجسم، على أن الأمر لا يتطلب الانخراط في تدريبات عضلية شاقة كما هو الحال لدى الذين ينشدون بناء العضلات، بل أن مجموعة )جرعة( واحدة من تمرينات التقوية العضلية تعد كافية لاكتساب القوة العضلية من أجل الصحة والمحافظة عليها، على أن تكون التدريبات بمعدل يتراوح من 12- 8 تكراراً لكل مجموعة عضلية )أي استخدام

مقاومات ليست قصوى أو قريبة من القصوى( وان تتم ممارسة هذه التمرينات من مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع.

فضلا ساهم في نشر الموضوع من أجل موقع أفضل



Digg Technorati del.icio.us Stumbleupon Reddit Facebook Twitter

احصل على هذه الإضافة

0 comments:

Post a Comment

إذا أعجبتك التدوينة شاركها ولك جزيل الشكر